نبروة بلد الفسيخ

**المـديـر العـــام**

بلد الفسيـــــخ

عشاق أكل السمك المملح يعرفون نبروه جيداً

نبروه أشهر مدينة في مصر لتصنيع السمك المملح.. ٢٥ مصنعاً وآلاف العمال

مدينة يعرف اسمها كل عشاق أكل «الفسيخ» في مصر والدول العربية، «نبروه» التي تقع علي بعد ٧ كيلو مترات من مدينة المنصورة وعلي الشاطئ الغربي لفرع دمياط، وشهرتها الكبري هي صناعة «الفسيخ»، وهي شهرة ليست وليدة اليوم، وإنما تعود لمئات السنوات حولت «نبروه» إلي مدينة لا يوجد بها عاطل واحد، بل وأصبحت مركزاً لقدوم العمالة من القري المجاورة.

النظافة الكاملة واتباع قواعد وأصول المهنة والالتزام بالتعليمات الصحية هي سر نجاح «نبروه» مع الفسيخ، كما يقول مندوه محمد شعير، صاحب أكبر محال الفسيخ هناك، ويقول إن عملية الصناعة تبدأ بشراء السمك من المزارع النظيفة وجيدة السمعة، خاصة التي تقدم للأسماك أجود الأعلاف المركزة، ويصل سعر الطن من هذه النوعية إلي ٢٢٠٠ جنيه للطن، وأشهر المزارع التي يتم الشراء منها تقع في بورسعيد، وسهل الطينة، ومنطقة رمسيس بالمطرية وأرض المطار القديم بالجمالية دقهلية.

وترفض مصانع «نبروه» التعامل مع المزارع السمكية التي تستخدم الأعلاف الممنوعة في إطعام أسماكها مثل «السبلة» التي تخرج من مزارع الطيور وأحشاء الدجاج وغيرها، والفسيخ بشكل عام يصنع من ثلاثة أنواع رئيسية من الأسماك هي «البوري» برأسه الكبير، و«السهيلي» الذي يشبه البوري، ولكن برأس أصغر، و«الطوبار» السمك ذو الرأس الرفيع.

صناعة «الفسيخ» من الصناعات الحساسة كما يصفها شعير، وذلك علي عكس الانطباع السائد عنها فلا يصلح معها السمك المنتفخ، أو العائم علي وجه المياه أو السمك المجمد، وهي عناصر تحرص مصانع «نبروه» علي التأكد منها تماماً للمحافظة علي السمعة الجيدة لمنتجات المدينة.

بعد اختيار الأسماك المناسبة تبدأ عملية التصنيع الفعلية، وهي تمر أيضاً بمراحل مختلفة أولاها غسل السمك جيداً بالماء، مع التأكد من تنظيف الخياشيم تماماً، ويوضع السمك في براميل من الخشب ويرص بطريقة جيدة مع وضع الملح «الخشن» عليه وتزيد نسبة الملح في آخر سطرين عند مليء البرميل، وبعدها تبدأ مرحلة التخزين بتغطية البرميل بغطاء من الورق يربط بشدة لعدم تسرب أي شيء داخله ويبقي مغلقاً لمدة ٢١ يوماً في الصيف و٣٠ يوماً في الشتاء يكون بعدها صالحاً للأكل والاستهلاك.

هذه التجارة الرائجة في «نبروه» وصلت بعدد المصانع الحالية إلي ٢٥ مصنعاً كبيراً بالمدينة يعمل بها مئات العمال المدربين، وتحرص جميع المصانع علي وضع بطاقات ببيانات الإنتاج علي البرميل بتاريخ التصنيع وتاريخ البيع وفترة الصلاحية التي تصل إلي ٦ أشهر منذ بداية العمل في البرميل.

بيع الفسيخ واستهلاكه ينشط في مواسم معينة خلال العام أهمها العيد الصغير والعيد الكبير ويوم الشك قبل رمضان، ولكن الموسم الأكبر هو شم النسيم، حيث يخرج من مدينة نبروه ما لا يقل عن ٢٥٠ طناً من الأسماك المملحة، أما باقي أيام العام يكون الإقبال ضعيفاً جداً.

هذه الصناعة وفرت للأسر بـ «نبروه» والقري حولها فرص عمل لا تنتهي، ومتوسط دخل العامل بها لا يقل عن ٥٠ جنيهاً في اليوم لدرجة قضت علي مشكلة البطالة في المدينة للدرجة التي جعلت أهل القري المجاورة تطلق علي المدينة اسم «أمريكا»، ويقول محمد أبوشعيشع وعوض طلب، صناع فسيخ، إن المدينة تشهد حالة من الرواج الاقتصادي، لدرجة ارتفع معها سعر أرض البناء في بعض الأماكن إلي ٦ آلاف جنيه للمتر، وهذا الأمر لم يحدث في أي قرية من قري الدقهلية، كما ارتفعت أسعار المهور ووصلت في بعض الأحيان إلي مائة ألف جنيه والسبب في ذلك كله صناعة «الفسيخ».

المثير في هذه الظاهرة أن التجارة ازدهرت كثيراً في المدينة، خاصة المستورد من الخارج، لدرجة جعلت الكثير من أبناء المدينة يهجرون التعليم ويتجهون للتجارة، يكفي أن نعلم أن «نبروه» تجمع ٩٦% من تجار الأدوات الكهربائية علي مستوي الدقهلية و٦٠% من تجار الملابس الجاهزة و٤٠% من تجار الأقمشة المستوردة.

زبائن فسيخ «نبروه» يرتبطون بعلاقة وثيقة مع المكان ولا يرضون عنه بديلاً، كما يقول «صبري هلال» رئيس مكتب خبراء وزارة العدل بميت غمر الذي اعتاد شراء الفسيخ من نبروه منذ سنوات طويلة، لأن فسيخها الأفضل من نوعه في مصر، وهو نفس ما يؤكده «رزق المرسي» صاحب مصنع طوب طفلي بزفتي، الذي يذهب كل موسم لشراء الفسيخ لعمال مصنعه من «نبروه» صاحبة «أطعم» فسيخ يمكن أكله في مصر.

أما عنصر الجذب الأخير فهو الأسعار المتوسطة للفسيخ، فالنوع الممتاز الفاخر يباع بمبلغ ٤٠ جنيهاً، والكبير ٣٥ جنيهاً حتي النوع الصغير يباع بمبلغ ٢٠ جنيهاً، ويباع السردين بسعر متوسط ١٥ جنيهاً، وهي الأسعار التي تناسب كل المستويات، يا تري جاهز بالبصل الأخضر؟

الموضوع الأصلي : نبروة بلد الفسيخ الكاتب : بلال المطحنةالمصدر : منتدى نبروة نيوز